اسمه محمد، وكنيته أبو جعفر، وأشهر ألقابه التقي والجواد، وأمه (سبيكة) سماها الرضا (الخيزران) وهي تنتسب لمارية القبطية زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). ولد في 10 رجب سنة 195 هجرية في المدينة، ومدة إمامته 17 عاماً من 203 إلى 220، وخلفاء زمانه إمامته المأمون والمعتصم. استشهد في آخر ذي القعدة سنة 220 وعمره (25) عاماً، وقد دسّ إليه السمّ بأمر المعتصم على يد زوجته أم الفضل بنت المأمون في بغداد ودفن في بغداد. تقسم حياته لمرحلتين: قبل إمامته، وبعد إمامته. وقد تولى الإمامة وعمره ثمان أو تسع سنين. ولا عجب في ذلك، لأن الإمامة منصب يساهم فيه مدد الله تعالى وقابلية الإمام بما لا تتوفر في غيره، ولأجل حاجة البشرية لإمام في كل عصر، فيجعل الله الإمامة لمن يملك قابليتها دون غيره، لأن الإمامة والنبوة يمنحها الله للعباد الذين يعلم بعلمه اللامحدود أهليتهم لهذا المقام، ولا مانع من توفر الشخص على جميع مؤهلات الإمامة من العلم والعصمة والولاية حتى لو كان طفلاً صغيراً فيبعثه نبياً أو يجعله إماماً وهو في مرحلة الطفولة، وكما صرح القرآن الكريم أن (يحيى) نام مقام النبوة وهو صبي: {يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا}، وعيسى نال النبوة في المهد : {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً}. لذلك فإن أعداد أهل البيت (عليهم السلام) من أجل مواجهة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) والاستهانة بإمامة إمامهم وهو صبي، حاولوا امتحان الإمام (عليه السلام) واختباره في بعض المواقف، ولكنه خرج منتصراً، تشهد أجوبته على إمامته، وتفوقه على أهل عصره، حتى وهو صبي. وتذكر جميع المصادر من الشيعة وأهل السنة موقفه من يحيى بن أكثم، قاضي عصره، حيث جمعوه مع الإمام في مجلس حاشد من الناس، من أجل إفحام الإمام، وسأله سؤالاً صعباً، فأجابه الإمام (عليه السلام)، وفرّع السؤال إلى فروع عديدة، مما أدهش ابن أكثم، ثم طرح عليه الإمام سؤالاً، فلم يتمكن ابن أكثم من الجواب. ولأجل مواجهة المأمون لنقمة الشيعة والعلويين، وانتفاضاتهم، زوّجه من ابنته أم الفضل، حيث أُجبر كأبيه على هذا الزواج. وواصل الإمام (عليه السلام) إرشاده وتعليمه وتربية التلاميذ، ولكن لأجل الضغوط والمواقف الشديدة المعادية التي اتخذها النظام الحاكم ضد الإسلام الأصيل، لم يتمكن من ممارسة هذا العلم العلمي والتبليغي بصورة موسعة، وتوجيه المسلمين وهدايتهم لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، لذلك فإنه كان يحاول استخدام نشاطاته العلمية. وتعريف المسلمين بإمامته ومبادئ أهل البيت وتعاليمهم وأنها تمثل سبيل الحق والفلاح بمختلف الأساليب رغم الضغوط والملاحقات ومنها إظهار بعض الكرامات مما وجهت الأنظار إليه، حيث صدرت منه الكثير من الكرامات بالإضافة لنشاطاته العلمية سجلتها المصادر التاريخية. وبعد أن رأى المعتصم انتشار شخصية الإمام (عليه السلام)، واعتقاد الناس وتوجههم إليه وإلى مدرسته وتعاليمه، فخاف على حكمه وأطماعه، وزاد من ذلك وشاية أعداء أهل البيت (عليه السلام)، واصطناع الأكاذيب والتهم حوله، مما دفع المعتصم لمحاولة اغتيال الإمام (عليه السلام)، فجلبه من المدينة جبراً إلى بغداد، واستشهد الإمام بالسمّ الذي دسته إليه زوجته أم الفضل بإيعاز من المعتصم.
ومما أُثر عنه من المواعظ والحكم:
قال له رجل أوصني: قال: أوتقبل، قال: نعم، قال (عليه السلام): توسد الصبّر واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، وأعلم إنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون. وقال (عليه السلام): تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والإصرار على الذنب أمن لمكر الله، ولا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون.
ومما أُثر عنه من المواعظ والحكم:
قال له رجل أوصني: قال: أوتقبل، قال: نعم، قال (عليه السلام): توسد الصبّر واعتنق الفقر، وارفض الشهوات، وخالف الهوى، وأعلم إنك لن تخلو من عين الله، فانظر كيف تكون. وقال (عليه السلام): تأخير التوبة اغترار، وطول التسويف حيرة، والاعتلال على الله هلكة، والإصرار على الذنب أمن لمكر الله، ولا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون.